Blog

تعرف علي العشبة الخارقة التي أذهلت الطب الحديث

المورينجا إليك أسرارها العلمية وفوائدها المدهشة

كتب: عمر علي


اجتاحت عشبة واحدة رفوف الصيدليات ومراكز التغذية حول العالم، وذاع صيتها بين الأطباء وخبراء التغذية والباحثين. إنها المورينجا أوليفيرا، تلك الشجرة القادمة من عمق الريف الهندي والتي تعرف اليوم عالميا باسم  الشجرة المعجزة. فما الذي يجعل هذه النبتة محط أنظار العالم العلمي والغذائي؟ وهل هي بالفعل تستحق كل هذه الضجة؟

في هذا المقال سنغوص في أسرار المورينجا، من تركيبتها الكيميائية المعقدة إلى استخدامها في علاج أمراض مزمنة، مدعمين كل معلومة بأحدث ما توصلت إليه الأبحاث العلمية.

ما هي المورينجا؟

المورينجا أوليفيرا هي شجرة موطنها الأصلي في سفوح جبال الهيمالايا في شمال الهند، لكنها تنمو اليوم في معظم المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية. تنتمي إلى عائلة “Moringaceae“، ويصل ارتفاعها إلى عشرة أمتار. تستخدم أوراقها، بذورها، زهورها، ولحاؤها في التغذية والطب الشعبي.

اللافت في المورينجا هو احتواؤها على أكثر من 90 مركبا نشطا بيولوجيا، بما في ذلك مضادات أكسدة، فيتامينات، معادن، أحماض أمينية، ومضادات التهابات. وهذا ما جعلها تدخل بقوة ضمن ما يعرف بـ”الغذاء الوظيفي”، أي الغذاء الذي لا يكتفي بتغذية الجسم، بل يساهم أيضا في الوقاية من الأمراض.

المورينجا تمتاز بتركيبة غذائية متكاملة يصعب العثور عليها في نبات واحد؛ فهي غنية بالبروتين الكامل، وتحتوي على كمية هائلة من الفيتامينات مثل A وC وE، إلى جانب معادن حيوية كالكالسيوم والبوتاسيوم والمغنيسيوم والحديد. هذه التركيبة تجعلها خيارا مثاليا للرياضيين، النباتيين، النساء الحوامل، الأطفال، وكبار السن.

التركيب الغذائي لعشبة المورينجا

وفقًا لبيانات منشورة في المجلة الدولية للعلوم الغذائية والتغذية، فإن كل 100 غرام من مسحوق أوراق المورينجا المجففة تحتوي على:

العنصرالقيمة الغذائية
البروتين27 غرام
الكالسيوم2,000 ملغ
الحديد28 ملغ
البوتاسيوم1,320 ملغ
فيتامين A (بيتا كاروتين)16,000 وحدة دولية
فيتامين C220 ملغ
المغنيسيوم368 ملغ

هذا يجعل المورينجا واحدة من أغنى النباتات الورقية من حيث التركيب الغذائي، وهي تتفوق على العديد من الأطعمة التقليدية، بل وتعتبر مكملا طبيعيا قويا، خاصة في مناطق تعاني من سوء التغذية.

الفوائد الصحية المثبتة علميا

1. تقليل مستويات السكر في الدم

دراسة نشرت عام 2014 في Journal of Food Science and Technology أظهرت أن تناول 7 غرامات من مسحوق المورينجا يوميا لمدة 3 أشهر أدى إلى انخفاض كبير في مستوى السكر الصيامي لدى مرضى النوع الثاني من السكري.

2. خفض الكوليسترول الضار

أشارت دراسة نشرت في Journal of Ethnopharmacology إلى أن مستخلصات المورينجا تساهم في خفض مستويات الكوليسترول الضار (LDL) وزيادة الكوليسترول الجيد (HDL)، مما ينعكس إيجابا على صحة القلب والأوعية الدموية.

3. مضادة للالتهابات والأكسدة

المورينجا تحتوي على مركبات مثل الكويرسيتين (Quercetin) وحمض الكلوروجينيك، وهما من أقوى مضادات الأكسدة الطبيعية. هذه المركبات تساهم في الحد من الالتهاب المزمن، وهو السبب الجذري في كثير من الأمراض مثل السرطان، أمراض القلب، والزهايمر.

4. دعم وظائف الكبد

المركبات الفينولية في المورينجا تساعد في حماية خلايا الكبد من التلف الناتج عن السموم، وتزيد من نشاط الإنزيمات المسؤولة عن إزالة السموم من الجسم.

5. تحسين صحة الجهاز الهضمي

الألياف غير القابلة للذوبان الموجودة في المورينجا تساهم في تنظيم حركة الأمعاء ومنع الإمساك. كما أن خصائصها المضادة للبكتيريا تدعم التوازن البكتيري في الأمعاء.

المورينجا والمناعة

تعمل المورينجا على تقوية جهاز المناعة عبر ثلاثة محاور:

  1. تحفيز إنتاج الخلايا التائية والبيضاء بفضل محتواها الغني بالزنك والحديد.

  2. مقاومة الجذور الحرة بسبب وفرة مضادات الأكسدة.

  3. تنشيط إنزيمات الدفاع الخلوي، مما يجعل الجسم أكثر مقاومة للفيروسات والبكتيريا.

ولهذا السبب، تستخدم في بعض الدول الإفريقية كجزء من برامج التغذية العلاجية للأطفال المصابين بسوء التغذية والأمراض المناعية.

المورينجا والنساء

تشير أبحاث عدة إلى فوائد خاصة للمورينجا لدى النساء:

  • تعزيز إدرار الحليب عند المرضعات.

  • تقليل أعراض ما قبل الدورة الشهرية بفضل احتوائها على المغنيسيوم.

  • مكافحة فقر الدم بسبب وفرة الحديد.

  • تأخير علامات الشيخوخة نتيجة نشاط مضادات الأكسدة.

طرق استخدام المورينجا

  • الأوراق الطازجة أو المجففة: يمكن إضافتها إلى السلطات أو الحساء.

  • المسحوق: يخلط مع العصائر أو الزبادي أو الحليب.

  • الشاي: ينقع من الأوراق المجففة في ماء ساخن لمدة 5 دقائق.

  • الكبسولات: متوفرة كمكملات غذائية في الصيدليات.

  • زيت المورينجا: يستخدم للبشرة والشعر نظرا لخواصه الترطيبية ومضادات الالتهاب.

موانع الاستعمال والتحذيرات

  • الحوامل يجب أن يتجنبن تناول جذر المورينجا أو مستخلصه لأنه قد يسبب انقباضات رحمية.

  • مرضى انخفاض ضغط الدم يجب عليهم الحذر من الاستخدام المتكرر.

  • أصحاب أمراض المناعة الذاتية يجب أن يستشيروا الطبيب قبل الاستخدام.

  • كما يفضل دائما شراء المنتجات من مصادر موثوقة لضمان النقاء وخلوها من الملوثات.

هل المورينجا دواء أم غذاء؟

في الحقيقة، المورينجا تقف على الحد الفاصل بين الغذاء والدواء، فهي ليست مجرد مصدر للتغذية، بل تدخل ضمن ما يسمى بـ (Nutraceuticals)، أي العناصر الغذائية ذات التأثير العلاجي.

تجري حاليا أبحاث في العديد من الجامعات لدراسة دور المورينجا في:

  • الوقاية من السرطان

  • تنظيم الهرمونات

  • دعم الصحة الإنجابية

  • علاج التهابات المفاصل المزمنة

الخلاصة

عندما ننظر إلى النباتات الطبية والغذائية التي تقدم فوائد متعددة دون آثار جانبية خطيرة، نجد أن المورينجا تتفوق على الكثير منها. فهي ليست مجرد نبتة تقليدية من التراث الشعبي،

بل أصبحت واحدة من أكثر الأعشاب التي درست علميا في العقدين الأخيرين، واكتسبت احتراما واسعا في الأوساط الطبية والغذائية.

لكن ما يجعلها فعلا شجرة معجزة، هو قدرتها على التداخل مع كثير من العمليات الحيوية داخل الجسم: فهي تنظم مستوى السكر، وتدعم صحة القلب، وتقوي جهاز المناعة،

وتحسن الهضم، وتعمل كمضاد طبيعي للالتهابات والأكسدة. بعض الدراسات الحديثة بدأت حتى تدرس تأثيرها المحتمل على محاربة بعض أنواع السرطان، وتثبيت مستويات الهرمونات في الجسم، خاصة عند النساء.

مع ذلك، يجب التعامل معها بعقلانية. فرغم كونها آمنة عموما، فإن الإفراط في استخدامها أو الاعتماد الكامل عليها دون استشارة طبية، قد لا يكون القرار الأمثل، خاصة لمرضى الضغط أو الحوامل أو من يعانون من أمراض مناعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى